الأربعاء، ٢٢ أكتوبر ٢٠١٤

القواعد ال 48 للسلطة 2-4

13) اعتمد عند طلبك للمساعدة على حاجات الآخرين .. ليس الشفقة والحاجة


لا تطلب من أحد مساعدة بناء على خدمة قدمتها له من قبل، على الأغلب سيتهرب منك، الأفضل أن تقنعه بطريقة أية فائدة ستعود عليه لو فعل لك تلك الخدمة.

“حبل العرفان والتراحم هو حبل ضعيف ينقطع مع أول صدمة، مقارنة بحبل المصالح المفتول”.

تقول القصة أنه كانت هناك في الدولة الإغريقية مدينتان على وشك الحرب (كورسيرا وكورنيث)، وأنهما كانتا متكافئتين في القوة تقريبًا، لذلك سعت كل مدينة بالفوز على الأخرى عن طريق ضمان تحالف أثينا معها، وأرسلت كل مدينة مندوبًا لها ليقنع أثينا.

تكلم سفير كورنيث عن التحالفات القديمة، وكون أثينا يجب أن تقدر ما كان بينهم وتحترمه، أما سفير كورسيرا فقد بدأ حديثه بكون كورسيرا لم تتحالف مع أثينا من قبل، بل تحالفت مع أعدائها، وأنه لم يأتِ سوى لخوفه على أمن مدينته، وأن كل ما يستطيع قوله هو أن بلده تمتلك أقوى قوة بحرية بعد قوة أثينا وأنهم بتحالفهما ستتكون قوة هائلة ترهب أي أعداء محيطين (يقصد إسبرطة)، فكان التصويت من كبار أثينا بالأغلبية لصالح كورسيرا.

14) تودد كصديق لتراقب كجاسوس


عليك معرفة أسرار منافسيك وأعدائك، تصرف معهم كمحقق وحاول معرفة نواياهم ونقاط ضعفهم، وفي المقابل تأكد من أنك لن تقع في ذلك الفخ وأنك بإمكانك استغلال رغبة أعدائك في معرفة أسرارك وقلب الآية عليهم.

“الحاكم يرى بجواسيسه، والأبقار ترى بأنوفها، ورجال الدين يرون بالنصوص المقدسة، وبقية الناس ترى بأعينها”.

أثناء الحرب العالمية الثانية وأثناء قصف الطائرات الألمانية لبريطانيا، كانت الملاحظة هي عدم دقة التصويب، وأنهم بينما يوجهون القصف لجسر تاور إذ بالمتفجرات تسقط في قرى غير مأهولة بالسكان، ليكتشف الألمان أن الجواسيس الذين كانوا يعتمدون عليهم في تحديد أهدافهم قد قُبض عليهم من قِبل البريطانيين وتم استبدالهم بموالين يخادعون الألمان.

15) اسحق أعداءك دون رحمة


لا تتعاطف مع أعدائك، ولا تعاملهم بقلب لين، إن فعلت ذلك سيعودوا وينتقموا ويفتكوا بك.

حين كان القائد الأسباني بومون ماريا (1800-1868) على فراش الموت سأله أحد رجاله “هل تعفو عن أعدائك الآن يا سيدي؟” فأجابه “ليس علي ذلك .. فقد قتلتهم جميعًا”.

النصر الشامل هو عماد الحرب الحديثة، وهو ما تحدث عنه الفيلسوف كارل فون في تحليله لحروب نابليون، بكون الحل الأفضل هو الإبادة السريعة والمباشرة لقوات العدو، وبعد أي نصر كبير لا تتحدث عن هدنة أو استراحة، فكم ما ستستولي عليه هو ما سيؤهلك حين الجلوس على طاولة المفاوضات للحصول على أكبر مكاسب.

وأكبر دليل يستشهد به المؤلف على صحة هذه القاعدة، هو خطأ ما فعلته القوى العظمى المنتصرة في الحرب العالمية الأولى ضد ألمانيا بتوقيع معاهدة فرساي، التي اعتبرها الألمان أكبر إهانة لدولتهم فكانت النتيجة ما فعلوه خلال الحرب العالمية الثانية.

16) أتقن فن الغياب ليزيد وقارك ومكانتك


السلعة التي يزيد وجودها يقل سعرها، عليك تعلم متى تغيب حتى ترتفع قيمتك بندرة حضورك.

“الغياب يطفئ المشاعر الصغيرة ويؤجج المشاعر الكبيرة، تمامًا كما تطفئ الريح الشمعة وتؤجج النار”، وحينما سؤل الحكيم عن سبب غيابه قال: لأن سؤالك لي عن سبب عدم قدومي أحب إلي من أن تسألني لماذا أتيت مرة أخرى.

ويمكن فهم تلك القاعدة من خلال أمور الحب والعلاقات العاطفية، ففي بداية العلاقة وحيث لا توجد معرفة كبيرة، يكون عمل الخيال، فيجعل للحبيب سحر يميزه عن كل الرجال، لكن مع الاقتراب يزول الخيال ويظهر الواقع، فكانت أشهر محظيات البلاط الفرنسي نينو دي لنكلو تنصح المحبين بالابتعاد فترة، وكانت تقول “الحب لا يموت من الجوع لكن من التخمة”.

17) أرهب الآخرين بالمفاجآت وكسر التوقعات


مفاجأتك لو لم تفدك بتغطية أهدافك ونواياك، فهي ستعطي عنك انطباعًا بالسيطرة، وتبث في الناس الخوف والرهبة منك.

“الرياح لا يمكن توقعها وتحدث تغيرات مفاجأة في الضغط والاتجاه والسرعة، ولا توجد دفاعات توقفها، لذلك تثير فينا الفزع”.

عام 1947 في المبارة الشهيرة بين محمد علي كلاي وجورج فورمان، كان الجميع يتوقع ما سيحدث وما سينتهي بفوز فورمان، حيث سيعتمد كلاي على أسلوبه الذي لم يغيره طيلة 10 سنوات، بالقفز والمناورة والتراقص حول الحلبة حتى ينهك فورمان، بينما فورمان قوي ومعتاد على الفوز بالضربة القاضية، ومهما فعل كلاي فسيأتي تحت يد فورمان في النهاية، وسينتهي منه كلاي بضربة قاضية.

إلا أن كلاي غير خطته تمامًا، واعتمد على أسلوب الضرب المباشر والضربة القاضية، وهو ما أذهل المشاهدين حول العالم، وانتهت المبارة بفوز كلاي على فورمان.

18) لا تصنع حصنًا يفصلك عن الآخرين: فالعزلة خطر يهددك ولا يحميك


العالم مكان خطر مليء بالأعداء حقًا، لكن تحصنك واعتزالك البشر سيضاعف مخاطرك وسيبرزك كفريسة، فالجموع هي الدرع الذي عليك أن تحتمي به.

“الحصن يقف في أعلى التل رمزًا لكل ما يبغضه الناس في السلطة، ويجعل رعاياك في الأسفل يبيعونك لأول عدو، فالحصون تقطع التواصل والمعلومات”.

وهو ما أكده مكيافيللي في كتابه الأمير خلال حديثة عن كون الحصون والتحصن بها من أكبر الأخطاء الاستراتيجية، فهي تقيد قدراتك وتجعلك هدفًا سهلًا، وتحد من مرونتك، وبمجرد بنائك لحصن يعرف الجميع موقعك، وتتحول لسجن لك حال حاصرك عدوك.

19) اعرف الشخص الذي تتعامل معه جيدًا ولا تهن الشخص الخطأ


لا تظن أن الجميع سيردون على “شرك” بنفس الطريقة المسالمة، وأن الجميع أقل منك ذكاءً، هناك من إذا خدعتهم سيقضون حياتهم ساعين للانتقام منك، فتأكد قبل أن تضع يدك في جحر الثعابين.

“كن واثقًا أنه لا يوجد من هو أقل قيمة وأهمية من أن تحتاج له يومًا ما، والذي لن يعطيك ما تريد منه إن كنت قد ارتكبت خطأ في حقه يومًا، فالناس قد تنسى الكثير لكن كبرياءهم لن يجعلهم ينسون من عاملهم باحتقار”

في الصين وخلال القرن الخامس قبل الميلاد، حُكم على الأمير شونج إره بالنفي والعيش حياة الفقراء في إحدى المدن البعيدة لفترة، وخلال مرور شونج في إحدى الامارات عامله أميرها بفظاظة وسخرية وإهانة رغم نصيحة مساعدة بأن من تحدثه قد يعود أميرًا بعد سنين، وبالفعل هذا ما حدث، عاد شونج إلى وطنه بعد سنوات محنته، لكنه لم ينسَ ابدًا حاكم المدينة التي مر عليها، فذهب له بجيش كبير، واستولى على مدينته، ونفاه بعيدًا.

20) لا تلزم نفسك بالولاء لأحد


الأغبياء فقط هم من يسارعون بالانحياز لأحد الأطراف، اجعل ولاءك لنفسك ولا تلزمها بمناصرة أحد، فحفاظك على استقلالك يجعلك تتصيد الآخرين، وتأليبك للصراع بينهم يجعلهم جميعًا يطلبون دعمك.

“حين تتقاتل الوحوش يفوز الصياد بالغنيمة”

أو بتعبير الملكة إليزابيث (1533 – 1603): “أفضل أن أكون متسولة عزباء من أن أكون ملكة متزوجة”، فما هي قصة الملكة؟ كانت إليزابيث تعرف أن الزواج يقضي على حكم المرأة، فأي زوج من أي بلد سيفرض عليها تحالفات وحروب، كما أنه سيصير الحاكم الفعلي، لذلك عاشت حياتها كلها تعطي الوعود والآمال للخطاب حتى يفعلوا لها ما تتمنى، وحين تحصل علي ما تريد منهم تتركهم، وخلال تلك اللعبة استطاعت أن تسيطر على البلاد وعلى كل رجل حاول إخضاعها.

21) استدرج فرائسك بالتظاهر بأنك اقل منهم دهاء


لا أحد يحب أن يظهر غبيًا أو أقل ذكاءً، أشعِر من تستدرجه أنه أكثر ذكاءً منك، واذا ما اقتنع بذلك فلن يشك أو يتوقع ما تدبره له.

عام 1865 ذهب المستشار البروسي أوتو فون للنمسا، لكي يوقع معاهدة كان ظاهرًا فيها أنها تصب في مصلحة بروسيا، وكان المفاوض النمساوي مقامرًا شرسًا ويقول عن نفسه أنه يستطيع أن يعرف شخصية أي فرد من خلال طريقة لعبه، في الليلة السابقة لمناقشة وتوقيع الاتفاقية طلب أوتو فون اللعب مع المفاوض النمساوي، خسر أوتو فون الكثير من الأموال وأظهر خلال لعبه كمًا من الغباء والاستهتار لم يظهره من قبل.

لذلك حين جاء وقت التوقيع ظن المفاوض النمساوي أن الأفضلية له، فكيف سيكون لرجل بهذه البلاهة أن يدبر ويخادع، لذلك وقّع دون تدقيق، وخرج أوتو فون منتصرًا ومتعجبًا من كيف لأي شخص في الدنيا أن يوقع اتفاقية كتلك.

22) تعلّم متى تستسلم ثم حوّل خسارتك إلى فوز


حين تكون الأضعف لا تقاوم أو تقاتل دفاعًا عن كرامتك، لا تجعل عدوك يستمتع بسحقك، اجعل الإذعان أحد طرقك للحصول على السلطة، اجعله وقتًا مقتطعًا كي تتعافى فيه.

“الضعيف هو من لا يتنازل ابدًا حين يكون من مصلحته التنازل”، أو كما يقول المثل الإثيوبي “حين يمر السيد العظيم ينحني الفلاح الحكيم انحناءة عميقة وفي سخرية وصمت يطلق ريحًا من مؤخرته”.

في الصين القديمة تلقى الملك جوجيان هزيمة قاسية فقرر أن يهرب، لكن ناصحه أخبره بالإذعان وعدم الهروب، وبالفعل عمل جوجيان كخادم للملك الجديد طوال 3 سنوات حتى أمن له أولاه إحدى المدن، خلال تلك السنوات الثلاث عرف جوجيان الكثير وخطط للانتقام، ليتمكن بعد ذلك وخلال وقت ضعف المملكة من أن يعود ويهزم من هزمه يومًا ما.

23) ركّز قواك وجهودك


صيد واحد ثمين أفضل كثيرًا من جني الفتات، لا تشتت نفسك ومجهودك فيضيع كل ما تصنع.

“لا يمكن لسهم أن يصيب هدفين معًا، إن شُوش تفكيرك لن تصيب قلب العدو، على عقلك أن يصبح والسهم شيئًا واحدًا”.

في عصر النهضة عانى الكثير من الكتاب من تملق هذا الأمير وهذا الملك، وفي ذلك تفوق بيترو آرتينو بعدما استطاع التقرب من الإمبراطور تشارل الخامس وجعل قلمه له فقط، وهو ما فعله مايكل أنجلو مع البابا يوليوس الثاني، وجاليليو مع أسرة المديتشي.

24) كن شخصًا مميزًا في مجتمعات الصفوة


هم رجال الحاشية، هم المجتمع المحيط برجال الحكم، هم المسؤولون عن أغلب القرارات التي تصدر في البلاد.

“الرجل الذي يتقن حياة القصور يكون قادرًا على التحكم في كلامه وتعبيرات وجهه ونظرات عينيه، يبدو عميقًا وغامضًا، ينافق الأشرار من ذوي النفوذ ويبتسم في وجه عدوه، ويكتم غضبه، ويكتم مشاعره، ويتصرف علي غير ما يحب”

ويحكي عن ذلك في الفرق بين مدرسة أرسطو ومدرسة الفيلسوف كالينسيس أثناء فترة الإسكندرالأكبر، فأرسطو كان مؤمنًا بالمهارات اللازمة للتعامل مع الصفوة، بينما كالينسيس كان يرى في التلقائية والعبارات الصريحة غير المزخرفة، وكانت النتيجة هي قتل الإسكندر له في إحدى نقاشاته معه.


القواعد ال 48 للسلطة1-4

“كتاب يناقض النظرة التقليدية للأخلاق التي لا ترى في أفعال الناس إلا الأبيض والأسود.. حيث إن معظم قواعد الكتاب يمكن أن تستخدم للخير أو للشر، حسب عقلية كل قارئ”، هكذا علق أحد القراء على الكتاب.

آخرون أكدوا أن ميكافيللي بكتابه الأمير لو قرأ هذا الكتاب لما كتب الأمير أبدًا. الكتاب صدر سنة 1998 للكاتب الأمريكي روبرت غرين، وهو يدلل على كل قاعدة من قواعده الـ48 بأكثر من حكاية وتجربة، يقول إنه جمعهم من كتب التاريخ.

“إذا تأملنا لعبة الشطرنج وجدنا فيها ثمانٍ وأربعين خانة، وهي في علم السياسة ثمانٍ وأربعون قانونًا للقوة”، تلك أحد تفسيرات غرين لعدد القواعد.

وسنحاول في مقالاتنا الأربعة الوقوف أمام تلك القواعد الـ48 وحكايتهم.

1- لا تشرق أكثر من الرئيس

أشعر رؤساءك بالاطمئنان لمكانتهم وتفوقهم، استعراضك لذكائك أمامهم قد يشعرهم بالتهديد والقلق منك.

تقول الحكاية إن عالم الفلك الإيطالي جاليليو كان معتدمًا على هبات الحكام من أجل تمويل اختراعاته واكتشافاته، لكن سنة 1610، وبعد اكتشافه لأقمار كوكب المشتري الأربعة قرر جاليليو اتباع استراتيجية جديدة.

ذهب جاليليو لآل ماديتشي (أسرة حاكمة اتخذت من المشتري شعارًا لها) وأخبر كوزيمو الثاني الذي كان قد وصل توًا للعرش أن الأقمار الأربعة للمشتري تتناغم مع أبناء آل ماديتش الأربعة (فقد كان له ثلاثة إخوة)، وأن ذلك دليل على تصاعد مجد الأسرة.

ونتيجة لذلك أصبح جاليليو عالم البلاط، ولم يعد في حاجة لاستجداء أحد.

2- لا تثق في أصدقائك وتعلم الاستفادة من أعدائك

أول من يخونك بدافع الحسد هم الأصدقاء، وهم الأخطر إذا ما قرروا إيذاءك، بعكس لو اتخذت من عدوك صديقًا، فغالبًا سيفعل الكثير ليثبت ولاءه لك.

كانت الصين منذ سنة 222 م مركزًا للانقلابات العسكرية، فما كان يصعد ملك للسلطة ويظل حاكمًا للبلاد سنتين أو ثلاثة حتى يتمكن أحد قواد الجيش من قتله ويأخذ مكانه، حتى كان مجيء الملك شاو ين سنة 959 بانقلاب عسكري بمساعدة أصدقائه في الجيش.

إلا أنه بمعرفته لخصالهم وما سيفعلون به جمعهم ووعدهم بالرخاء المادي حال تقاعدهم، وهي فرصة لهم لتجنب قتلهم حال أصبحوا سلاطين بانقلاب من بعده. وافقوا جميعًا وتنحوا عن مناصبهم. وكانت من أشهر قصص السيطرة على الأصدقاء \ الأعداء المحتملين.

3- استعن على تحقيق أهدافك بإخفاء مقاصدك

تكتم على مقاصدك حتى تربك من حولك وتمنعهم من الكيد أو الاستعداد لك، لا تظهر خطتك حتى إذا ما بدأوا في تفسيرها يكون الأوان قد فات.

كان الدوق مارلبورو قائد الجيش الإنجليزي سنة 1711 يرغب في تحطيم قلعة فرنسية لأنها تحمي طريق يمكنه من خلاله التوغل داخل فرنسا، لكنه كان يعرف أنه لو دمر القلعة فسيعرف الفرنسيون بنيته في التوغل من ذلك الطريق، لذلك استولى عليها فقط، وترك بعض الجنود الفرنسيين لتظن فرنسا أنه مهتم بالقلعة لسبب ما.

عاد الفرنسيون للسيطرة على القلعة وتركها الدوق لهم، وبمجرد حصولهم عليها دمروها بأنفسهم خوفًا من رجوع الدوق لها. وبهذا أصبح الطريق لقلب فرنسا خاليًا من أي قلاع تحميه.

4- اقتصد في كلامك

كلما تحدثت أكثر كلما زاد احتمال أن تقول شيئًا تافهًا أو غبيًّا، كثرة الكلام تضيع هيبتك وتظهرك أقل عزمًا، أصحاب السطوة يؤثرون بالإيجاز في الكلام.

“من الأخطر على وزير البوح بالحماقات من أن يرتكبها” الكاردينال دي ريتز.

السطوة بالأساس لعبة مظاهر، الصمت يجهد الآخرين؛ لأنهم بطبيعتهم يميلون لفهم من يتعاملون معه.

أدرك الرسام آندي وارهول ذلك في صغره، واستخدم تلك الاستراتيجية بنجاح طوال حياته، فكان في أي لقاء صحفي يتحدث بكلمات مبهمة تجهد السائل في تفسيرها. يقول آندي إن قلة الكلام عن الأعمال الفنية يجعل الناس تتحدث عنها أكثر.

5- الكثير يعتمد على السمعة، فاحمها بحياتك

“جراح الضمير أسهل من جراح السمعة” نيتشه.

سقوط سمعتك يعرضك للضربات من كل جانب، حافظ على سمعتك واحمها من أي خطط تحاك ضدها. وتعلم تدمير خصومك بالهجوم على سمعتهم، واتركهم للعوام ينصبون لهم المشانق.

في البداية عليك أن ترسخ سمعة تقوم على إحدى مميزاتك (ذكائك، كرمك، أمانتك)، سوف تميزك تلك الخصة، وسيتحدث الناس عنها، وستنتشر كالنار في الهشيم مع علو سطوتك.

ربما تكون قد أفسدت سمعتك بالفعل، حينها الجأ لحسني السمعة وارتبط بهم، حين أراد بارنوم التخلص من حديث الناس عنه كناشر للفن البذيء أحضر المغنية جيني ليند من أوروبا وكانت مشهورة برقي فنها، ونجح ذلك في تغيير الصورة السلبية عنه، وتكوين صورة راقية.

6- الفت الانتباه إليك بأي ثمن

لا أحد يهتم بما لا يراه، الفت الانتباه باختلافك أو بغموضك، ولا تضيع وسط الجموع. افتعل فضيحة أو افعل أي شيء يجذب أنظار الناس إليك، ويجعلك تبدو أسطوريًّا أو مختلفًا.

كان العالم توماس إيدسون يعرف أنه عليه لكي يحصل على المال اللازم أن يجذب الانتباه، فكانت طريقة كشفه لاخراعاته وعرضها على الجمهور لا تقل عنده عن الاختراع نفسه.

لذلك حصد الانتباه عن أبرز منافسيه تسلا، والذي كان ربما أكثر عبقرية من إيدسون.

7- دع الآخرين يقومون بالعمل نيابة عنك، وسجل ذلك لحسابك دومًا

لا تفعل بنفسك ما يمكن أن يفعله الآخرون لك، استخدم معرفة الآخرين وعلمهم وذكاءهم لتحقيق أهدافك، فذلك لن يوفر لك الجهد والوقت فقط، لكن سيظهرك في هالة إعجازية من الذكاء والكفاءة.

أدرك الفنان بيتر روبنز ذلك نتيجة الضغط عليه في أعمال أكبر من قدرته على التنفيذ، فشكل نظامًا خاصًا في مرسمه، يجمع أكثر من رسام شاب موهوب، أحدهم يرسم الثياب والآخر السماء، وهكذا تنتهي اللوحات أثناء مراقبته للمشتري.

8- استدرج الآخرين لفعل ما تريد

اغري خصومك ليأتوا إليك متخلين عن خططهم الخاصة. ونجد ذلك كثيرًا في عالم المفاوضات السياسية، حيث استدراج الخصوم لموقعك، ذلك الموقع الذي تملك فيه السطوة، فيكون لك الكلمة عليهم. خطط لجعلهم يفعلون ما تريده وتتحقق لك المكاسب أنت تحت غطاء أنهم حصلوا على ما يريدون.

9- انتصر بأفعالك لا بكلامك

الانتصارات اللحظية التي تظن أنك قد حققتها بانتصارك في جدال هي انتصارات تافهة، فهي تترك الضغينة والامتعاض ولا تغير شيئًا في قناعة أي شخص، عليك أن تثبت آراءك بطرق غير مباشرة، بالتلميح لا التصريح.

الكلمات لا قيمة لها في ذاتها، فكلنا يعلم أننا وقت الجدال نقول أي شيء يؤيد موقفنا، كأن نستشهد بالكتب المقدسة والإحصائات غير المؤكدة. الجدال اللفظي له دور واحد في عالم السلطة: تشتيت الانتباه والتغطية على حيلك حين تخادع، أو يتم الكشف عن كذبك.

قاطع أحد الحاضرين خروتشوف حينما كان يلقي بيانًا يتبرأ فيه من ستالين وأفعاله، وسأله: “لماذا لم توقفه حينها وقد كنت زميله؟”، تظاهر خروتوشف بأنه لم يتعرف على السائل، ثم صاح بعصبية “من سأل هذا السؤال؟”، فلم يجيب أحد، بعدها بثواني صاح “الآن تعرف لِم لَم أوقفه”.

10- تجنب العدوى من غير المحظوظين والتعساء

خالط السعداء والمحظوظين حتى ينتقل لك حظهم، البائسون قد يضروك ببؤسهم ومحاولتك لمساعدتهم. بالطبع من يعانون لظروف خارجهم يستحقون المساعدة، لكن من هم بؤساء بسبب غباء أفعالهم وقرارتهم ليس عليك دائمُا مساعدتهم.

مصاحبة الاذكياء ومصادر البهجة والثقافة لك أمر ضروري، وهو ما فعله نابليون بمصاحبته الدائمة لوزيره تاليران، واحد من أكثر رجال فرنسا لطفًا وذكاءً وبراعةً، فكان نابليون يعمل على أن يظل تاليران بجانبه أكبر قدر ليمتص منه ثقافته.

11- تعلم أن تحتفظ باعتماد الآخرين عليك

لا تعلم أحدًا أبدًا بحيث يصبح مستغنيًّا عنك. لا تخطئ مثل الكثيرين وتظن أن السطوة في الاستغناء عن الناس، الشخص المستغني عن البشر يكون حر كحرية ساكن الغابة وحيدًا، بإمكانه الذهاب لأي مكان، لكن لا سلطة لديه على أحد.

“هكذا فإن الأمير الحكيم هو من يعمل بكافة الطرق لجعل مواطنيه في كافة ظروفهم يعتمدون عليه وعلى دولته، حينها يمكنه أن يثق فيهم” ميكافيللي.

كان لويس الحادي عشر ملك فرنسا معجب بمنجمه ويثق فيه من صدق ما كان يحكيه له ويتحقق، حتى خاف من أن يكون ممتلك لقوة سحرية فقرر قتله. جمع رجاله وأخبرهم بقتله حين يعطيهم الإشارة، وسأل منجمه عما يظن عن طول حياته، فرد عليه: سأموت قبلك بثلاثة أيام.

بالطبع لم يعطِ لويس الإشارة لجنوده أبدًا، وأوكل للأطباء الاهتمام بصحة ذلك الرجل بأقصى ما يستطيعون. النصيحة هنا: اجعل الآخرين يعتمدون عليك بحيث يعني التخلص منك كارثة لهم.

12- جرّد خصمك من أسلحته بكرمك

الهدية التي تقدمها في الوقت المناسب قد تكون كحصان طروادة لك. الهدايا تفتح لك قلوب الكثيرين، لتفعل بهذه القلوب ما تريد بعد ذلك.

الصينيون قالوا عن ذلك “اعط قبل أن تأخذ”، فعطاؤك لا يجعل الشخص يلاحظ ما تأخذه، أن تأخذ شيئًا عنوة حتى لو كانت لك سلطة كبيرة ذلك سيجعل الضحية يخطط للانتقام منك. والعطاء يمكن أن يكون تعاطفًا أو أي شيء معنويًّا غير الهدايا.

حاصر الرومان كثيرًا مدينة الفاليسكانيين رغبة في إخضاعها لسطوتهم، وفي إحدى مرات حصار القائد كاميلوس لها، تمكن من أسر معلم ومعه أطفال، عرف كاميلوس أن أسره للأطفال لن يفيد بشيء، فتركهم. فكان ذلك نقطة له جعلته يكسب ثقة شعب الفاليسكانيين، ويخضعون لسطوته.